مریم نوروزی تكتب: عُمان؛ صمت يبنى المستقبل

بقلم: الكاتبة الصحفية مریم نوروزی

في قلب شبه الجزيرة العربية، حيث تلتقى الجبال بالبحر وتلتقى التاريخ بآفاق المستقبل، تقع سلطنة عمان، البلد الذي يتسم بهدوئه وصبره، مما يجعله مصدر إلهام وعمق معنوى هذا الصمت ليس علامة على الجمود، بل هو رمز لا للحكمة والتنظيم الاجتماعي العميق الذي يتمتع به شعبه؛ وهو رأس المال الاجتماعي الذي يشكل أساسًا قويًا للتنمية المستدامة والمستقبل الذكي.

بينما لا تزال العديد من دول المنطقة تعتمد على اقتصاداتها النفطية، وضعت عُمان “رؤية 2040” كخطة شاملة لإعادة تعريف هويتها وقوتها واستدامتها الوطنية. هذه الرؤية، التي انطلقت في عهد السلطان قابوس واستمرت في عهد السلطان هيثم، تهدف إلى بناء دولة ذات اقتصاد متنوع و تنمية بشرية وحماية بيئية. تتميز عمان بهدوئها الذي يوفر بيئة للتفاعل السلمي بين العمانيين والمقيمين، حيث يسود الثقة المتبادلة والتعاطف والشبكات الاجتماعية القوية. هذا الرأس المال الاجتماعي لا يساهم فقط في الاستقرار الداخلى، بل يشكل أيضا أرضية للابتكار والتعاون الإقليمي وجذب الاستثمارات الكبرى.

اقتصاد عمان الهادئ هو نقطه قوتها التي حولتها “رؤية 2040 إلى خطة استراتيجية. تنوع الاقتصاد، والتنمية البشرية، والابتكار، وحماية البيئة، هى الأعمدة الأربعة لهذه الرؤية. عُمان، باعتبارها العقل المفكر لمجلس التعاون الخليجي، تصمم المستقبل بدقة وحكمة، حيث يستفيد المستثمرون الإقليميون من هدوئها واستقرارها لتخطيط المشاريع الكبرى في الهند وأفريقيا وغيرها من المناطق.

ومع ذلك، فإن مسار التنمية ليس خاليا من التحديات تأمين التمويل للمشاريع الكبرى، وجذب العمالة المتخصصة، والتغيرات الثقافية الناتجة عن التحديث هي من أبرز العقبات. كما أن الأجيال الشابة قد تجد فجوة بين أسلوب الحياة الهادئ والروح ومع ذلك، فإن الإدارة للذكية والرؤية بعيدة المدى لقادة عُمان تحول هذه التحديات إلى فرص للتعلم وتعزيز الابتكارية. القدرات الوطنية.

في النهاية، فإن صمت وهدوء عُمان ليسا فقط رمزاً لهويتها الثقافية، بل أداة استراتيجية للتنمية من أجل مستقبل مستدام وإنساني. “رؤية 2040” تعتمد على رأس المال الاجتماعي والاستقرار، وابتكار شعبها، مما يجعل عُمان نموذجا يحتذى به للدول الأخرى وشريكًا عالميًا ذا قيمة. عُمان تثبت أن التنمية يمكن أن تسير جنبا إلى جنب مع الهدوء والحكمة الاجتماعية،و في صمتها، تبنی صوت غد عالمی.