باحثون عُمانيون يوثّقون السلوك الافتراسي للوشق في جبال ظفار
السبلة – العمانية
كشف تقرير علمي وثّقه باحثون عُمانيون عن مشاهد حديثة في جبال محافظة ظفار بسلطنة عُمان حول سلوك الافتراس لدى حيوان الوشق الذي يُمثل أحد أنواع السنوريات واسعة الانتشار في شبه الجزيرة العربية.
وأوضح التقرير الذي نشرته مجلة السنوريات التابعة للاتحاد الدولي لصون الطبيعة والصادرة في سويسرا بأن الوشق رُصِد وهو يقوم بافتراس أنواع عدة من الثدييات بما في ذلك القوارض الصغيرة، والوبر الصخري، وسُجل لأول مرة وهو يفترس حيوان النمس ذا الذيل الأبيض الذي يُعد أصغر حجمًا منه بقليل، بعد رصده من قِبل إحدى الكاميرات الفخية في محمية جبل سمحان الطبيعية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور هادي بن مسلم الحكماني أحد أعضاء الفريق البحثي في تصريحٍ لوكالة الأنباء العُمانية: إنّ هذه المشاهدات تعزّز من فهمنا لسلوك الافتراس والنظام الغذائي لهذا النوع من السنوريات متوسطة الحجم (7-14 كجم)، مبينًا أن هذا الحيوان لم يحظَ بالدراسات الكافية في شبه الجزيرة العربية، ما يُمثل أول رصد علمي للوشق وهو يصيد النمس ذا الذيل الأبيض في منطقة شبه الجزيرة العربية.
وأوضح بأن الوشق ينتشر على نطاق واسع في شبه الجزيرة العربية، وعلى الرغم من هذا الانتشار النسبي الواسع إلا أنه لا يعرف سوى القليل حول سلوك افتراسه ونظامه الغذائي في المنطقة، نتيجة توّفر دراستين فقط، إحداهما لحيوان ذكر بالغ تم تتبعه بجهاز لاسلكي في شمال المملكة العربية السعودية في عام 1998م، ودراسة أخرى في عام2006م، في دولة الإمارات العربية المتحدة وشبه جزيرة مسندم اعتمدت على تحليل عينات روث الوشق.
يُذكر أن الوشق يُصنف عالميًا بأنه “أقل تهديداً” من قبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، إلا أنه يُعد مهددًا بالانقراض حسب التقييمات الإقليمية لشمال أفريقيا وغرب ووسط آسيا بما في ذلك شبه الجزيرة العربية، على سبيل المثال، يعتبر الوشق نادرًا في الأردن والإمارات العربية المتحدة بينما يُعتبر مهددًا محليًا في تركيا والهند.
وفي سلطنة عُمان، ينتشر الوشق على نطاق واسع في جبال محافظة ظفار جنوبًا، ويمتد نطاق انتشاره حتى جبال مسندم في أقصى الشمال إلا أنه لا يوجد في مناطق الكثبان الرملية كالربع الخالي ورمال الشرقية.
وتتنوع التهديدات التي تواجه الوشق في نطاقه العالمي، إذ يُعد تغيير الموائل بسبب الزراعة والتصحر التهديد الرئيس في وسط وغرب وشمال شرق أفريقيا، بينما يُعد فقدان الموائل بسبب الطرق المعبّدة وبناء التجمعات السكانية التهديد الرئيس في شبه الجزيرة العربية.
وكغيره من الحيوانات المفترسة، يعتمد الوشق على وجود وفرة في الفرائس الطبيعية للبقاء، وبالتالي يمكن أن تؤثر التغييرات في وفرة الفرائس مباشرة على استراتيجيات حياته، وديناميكيات السكان، وكيفية التكيّف في عالم يتغير بشكل سريع نتيجة التغيرات المناخية.
وتشير الدراسات السابقة إلى أن غذاء الوشق في شمال المملكة العربية السعودية كان يتألف في الأساس من القوارض، خاصة الجرذ الليبي، ولوحظ كذلك يتغذى على جثث الجمال الصغيرة في بعض الأحيان، وعقاب السهول والغزلان الصغيرة، بينما في الإمارات العربية المتحدة وجدت الدراسة أن غذاء الوشق كان يتألف في الأساس من الماشية، بما في ذلك الماعز والأغنام، وقد وجدت أدلة على وجود الفأر العربي (المصري) الشوكي، وبقايا طيور لم يتم تحديد نوعها.
وأوضحت المسوحات الميدانية في جبال محافظة ظفار بأن الوشق يفترس أنواعًا عدة من الثدييات الصغيرة كالقوارض خاصة جرذ الأعشاب الأفريقي، والفأر العربي الشوكي، والفأر الذهبي الشوكي، كما رصد في عدة مرات وهو يصيد الوبر الصخري والحجل العربي، وفي حالة واحدة يصيد النمس ذا الذيل الأبيض.
وتوفر نتائج هذه المسوحات معلومات مهمة حول سلوك الافتراس والنظام الغذائي للوشق في جبال محافظة ظفار بسلطنة عمان بشكل خاص وشبه الجزيرة العربية بشكل عام، خاصة للجهات البيئية المهتمة بحماية وإعادة توطين هذا الحيوان في المنطقة.